عُمان: تاريخ من دحر الاستعمار ✊
في مثل هذا الشهر من عام 1650، تمكّن العُمانيون من تحرير بلادهم من الاحتلال البرتغالي الذي استمر نحو 140 عامًا.
ما القصة 🌍
في مطلع القرن الـ16، ومع نجاح المستكشف والجزّار البرتغالي «فاسكو دي غاما» في الوصول إلى الهند عبر «رأس الرجاء الصالح»، سعى البرتغاليون للسيطرة على طرق التجارة البحرية في المحيط الهندي.
ولتأمين طريقها التجاري إلى الهند بدأت بحملات استعمارية وتوسعية ضد القوى البحرية العربية التي كانت تنافسها ومن بينها عُمان.
ظهر البرتغاليون لأول مرة قبالة السواحل العُمانية في 21 أغسطس من 1507.
وابتدأوا أعمالهم الوحشية في مدينة صور الساحلية، التي احرقوها ودمروها.
وبعدها اتجهوا إلى مدينة قلهات التي كانت مستودعًا للشحن إلى الهند وارتكبوا فيها مذبحة مروّعة من السلب والنهب.
وبعدها توجهوا إلى مسقط، واستولوا بقيادة «ألفونسو دي ألبوكيرك» عليها.
وسرعان ما بسطوا نفوذهم على السواحل العُمانية بهدف:
تدمير التجارة البحرية العُمانية.
الاستيلاء على موانئها الاستراتيجية.
ولتعزيز نفوذها التجاري والديني عملت البرتغال على تدمير السفن العربية ومنعها من المنافسة في تجارة التوابل القادمة من الهند.
وأثار وجود البرتغاليين استياء العمانيين الذين رفضوا الاحتلال وواجهوه منذ اللحظة الأولى.
حيث ظهرت مقاومة شرسة تمثلّت في ثورات متكررة على مدار سنوات الاحتلال.
واندلعت الثورات الشعبية بقيادة زعماء القبائل المحلية وشيوخ الدين في مدن قلهات وصحار ومسقط.
ماذا بعد 🤔
في عام 1624 اجتمع العُمانيون على اختيار ناصر بن مرشد اليعربي إمامًا لهم.
واجه ناصر تحدّيات متمثلة في توحيد الجبهة الداخلية التي كانت منقسمة منذ ما يزيد عن مئة عام
إلى أن تمكن من توحيدها عام 1632
في 1643 تمكّن ناصر بن مرشد من تحرير صحار التي كانت من أهم موانئ عُمان ومدنها.
وفي عام 1648 أعلن الإمام ناصر النفير العام ودعا جميع القبائل العُمانية لحصار البرتغاليين في مسقط.
أجبر الحصار البرتغاليين على عقد هدنة، فرض خلالها الُعمانيون شروطهم وهي:
حرية الملاحة والدخول إلى مسقط.
إلغاء الضرائب وتقليص الجمارك.
كان الحصار مقدمة لتحرير مسقط والذي تمّ على يدي خليفته في الإمامة وأبن عمه سلطان بن سيف الأول.
شنّ سلطان بن سيف الأول هجومًا حاسمًا على البرتغاليين، مستهدفًا معاقلهم في مسقط في عام 1650.
انتهى بطرد البرتغاليين من مسقط آخر مواقعهم في عُمان.
بعد التحرير، تحولت عُمان إلى قوة إقليمية مؤثرة، وسعت لتأمين مصالحها التجارية والعسكرية على طول سواحل المحيط الهندي.
وبسطت سيطرتها على:
سواحل شرق إفريقيا، من زنجبار إلى مومباسا.
مناطق في جنوب آسيا وصولًا إلى جزر المحيط الهندي
شهدت السلطنة توسعًا بحريًا هائلًا امتد نفوذها خلال القرن السابع عشر وحتى منتصف القرن التاسع عشر. بعد طرد البرتغاليين، عاشت عُمان فترة من الاستقرار والازدهار.
بالتفصيل 📋
ولكن مع ضعف بعض الحكام، عادت المحاولات الاستعمارية لتزعزع أمن البلاد، وهذه المرة من قبل الفرس.
فبعد حُكم الإمام سلطان بن سيف الأول، حَكم عُمان الإمام سلطان بن سيف الثاني في عام 1728
شهدت فترة حكمه ضعفًا واضطرابات داخلية نتيجة الصراعات بين القبائل على السلطة.
خلال حكمه عيّنَ أحمد بن سعيد كمستشار له ثمّ عينه واليًا على صحار في 1737.
وهناك اكتسب أحمد بن سعيد شعبية واسعة أثارت مخاوف الإمام الذي حاول التخلص منه، مما زاد التوتر بينهما.
وبسبب ضعف إدارته عُزل الإمام سيف بن سلطان الثاني عن الإمامة عام 1742 فلجأ إلى الاستعانة بالقوات الفارسية لحصار صحار لاستعادة نفوذه.
حينها، تصدّى أحمد بن سعيد للحصار ونجح في التفاوض مع الفرس على صلح يشمل:
انسحابهم مقابل دفع جزية سنوية من العُمانيين.
الإبقاء على حامية فارسية في مسقط.
وبعد خروجهم تعمّد اللجوء إلى أسلوب الحصار الاقتصادي
عبر إهمال دفع الجزية المتفق عليها.
قطع الرواتب والإمدادات عن جنود الحامية الفارسية.
إعفاء السفن التجارية المتوقفة في ميناء بركاء من الضرائب الجمركية، مما عزز توقف السفن فيها بدلًا من مسقط.
الأمر الذي أضعفهم اقتصاديًا وأثار سخط حاميتهم في عُمان.
ثمّ توجه إلى مسقط على رأس قوة عسكرية في عام 1744 وتمكّن من طرد الفرس منها، وتتبعهم حتى بندر عباس
واستشهد في المعركة حوالي ثلاثة آلاف مقاتل عماني والتي استمرت لأكثر من 7 أشهر.
بعد إنهاء وجود الاحتلال الفارسي لعمان وتحقيق النصر، حَظي أحمد بن سعيد بتأييد واسع من القبائل العمانية
وبويع على الإمامة في نوفمبر من 1744 حيث أرسى الإمام أحمد دعائم الدولة البوسعيدية
وتوحدت عُمان تحت قيادته بعد أن عانت من حروب أهلية لما يقارب الـ20 عامًا.
التداعيات🔮
برزت ثقافة المقاومة في التاريخ العُماني الحديث خصوصًا في منتصف القرن العشرين.
في الخمسينيات من القرن الماضي شهدت عُمان مقاومة وطنية تستهدف الإنجليز في حرب الجبل الأخضر (1954-1959).
وهي حرب اندلعت نتيجة انهيار اتفاق السيب (1920) بعد محاولة السلطان سعيد بن تيمور توسيع نفوذه إلى أراضي الإمامة التي اكتُشف فيها النفط.
وعزز الصراع تدخل بريطانيا لدعم السلطان سعيد بن تيمور ضد الإمام غالب بن علي والذي كان إماما حينها لحماية مصالحها النفطية والاقتصادية في المنطقة.
بدأت حرب الجبل بالسيطرة على نزوى عام 1955 حيث دمرت القوات السلطانية والبريطانية عاصمة الإمامة.
وكحال مقاومة العمانيين للبرتغاليين والفرس باستخدام تكتيكات حرب العصابات، مثل الحصار والكمائن، استخدمت هذه التكتيكات في حرب الجبل الأخضر.
حيث لجأت قوات الإمام إلى الجبل الأخضر وتحولت المعركة إلى حرب استنزاف دفاعية في التضاريس الوعرة.
حسمت بريطانيا الحرب في 1959 باستخدام الطيران والمدرعات الخاصة.
وانتهت الحرب بتوحيد عُمان تحت حكم السلطان سعيد بن تيمور وإلغاء نظام الإمامة.
حينها، نُفي الإمام غالب خارج عُمان، فيما عززت بريطانيا نفوذها في عُمان.
وكانت هذه الحرب آخر الأمثلة على على رفض العُمانيين محاولات السيطرة الأجنبية على الداخل العُماني.
أنتج هذا العدد: تركي البلوشي، زينب عفيفة، شيماء العيسائي
نشرة أسبوعية تصدر كل خميس، ترصد الأحداث وتشرح سياقاتها الزمنية، لتمنحك فهماً أعمق