1.5 مليون إنسان يُعيدون تشكيل مسقط

هذا الرقم لا يعني تغيير في عدد السكان، بل في الهوية اليومية للعاصمة.

لم تعد مسقط مجرد عاصمة سياسية، بل مدينة تتغير كل يوم من الداخل
لم تعد مسقط مجرد عاصمة سياسية، بل مدينة تتغير كل يوم من الداخل


ما القصة 🌍

قبل 8 أسابيع فقط، بلغ عدد سكان محافظة مسقط: 1,507,918 نسمة

  • 586,359 عمانيًا

  • 921,559 وافدًا

  • بنهاية ديسمبر 2024، كان العدد 1,499,549 – ما يعني زيادة قرابة 8,369 نسمة خلال 3 أشهر .


ماذا بعد 🤔

بهذه التغييرات والأرقام لم تعد مسقط مجرد عاصمة سياسية، بل مدينة تتغير كل يوم من الداخل، وفيها تتركّز:

  • الوظائف الخاصة

  • العمالة الوافدة

  • المساكن الجماعية

  • العمالة المنزلية

  • المؤسسات التجارية الكبرى

وعندما نقول إن مسقط «ليست مجرد عاصمة» فنحن لا نتحدث عن الوزارات والمباني الرسمية فقط، بل عن الحياة اليومية التي تدور خارج المكاتب الحكومية وشركات القطاع الخاص.

المدينة الحقيقية هي ما يحدث بعد الساعة 3 عصراً:

  • الزحام في الخوير العذيبة وروي

  • حركة الناس في السوق الشعبي في مطرح

  • عدد الأجانب والمواطنين أمام المدارس الحكومية والخاصة

  • طلبات العمانيين في المقاهي – يعمل فيها نادل إيرانيون، أثيوبيون، فلبينيون ومن جنسيات أخرى.

⁠السياق الأوسع 📜

هنا نشرح لكم كيف تتغير مسقط من  الداخل دون أن ننتبه لها، والتغيير هنا لا يقصد به الطرق أو عدد السكان وحسب، بل في الناس الذين يصنعون اليوم العادي فيها مثل:

  •   الوظائف الخاصة: أغلب المحلات، المطاعم، شركات التوصيل،  يعمل بها وافدون، ففي مكان واحد ستجد صالون حلاقة، تجد العامل من باكستان، المتجر بجانبه يديره شاب من الهند، وصاحب العمارة من خارج المدينة.

  •  العمالة اليومية والموسمية: عمال البناء، التنظيف، التوصيل، يشكّلون البنية التحتية التي لا نراها – فتجدهم في الصباح الباكر، يتحركون في حافلات ضخمة إلى مواقع في القرم أو بوشر أو الخوير، يعودون ليلًا إلى مساكن جماعية في أطراف مسقط.

  •  العمارات التي يتغير سكّانها باستمرار: كثير من البيوت والعمارات مؤجرة لمقيمين، يتبدّلون كل سنة أو سنتين، مثل أن يكون مجمع سكني واحد، 10 جنسيات، وبجانهبا 3 مدارس مختلفة يذهب إليها الأطفال، ولا يعرف الجيران بعضهم البعض.

  •  الخدمات التي تواكب هذا التغيير: تظهر مدارس خاصة، مكاتب صرافة مطاعم آسيوية، محلات صغيرة موجهة لجنسية محددة – مثال: تجد في الشارع الواحد صرافة، مطعم وجبات حيدراباد، بقالة سودانية، وعيادة يتحدث موظفوها الفارسية فقط.

    • هذه التركيبة تعني أن النمو السكاني لا يحدث فقط بسبب المواليد، بل بفعل الهجرة السكانية المنظمة… وهذا ما يسمى بـالنمو الهيكلي.


التداعيات🔮​​

هذا النمو لا يزيد عدد السكان فقط، بل يعيد تشكيل الكثير من القطاعات مثل:

  • شكل الأحياء: أحياء جديدة بملامح ثقافية جديدة وأخرى تغيّر سكانها.

  • الخدمات: مدارس، عيادات، نقل، بُنيت لتلائم التغيير.

  • السوق: قوى عاملة من جنسيات متعددة، باحتياجات مختلفة.

  • الهوية: مَن يُمثّل المدينة؟ من يحكي قصتها؟ من يصوغ شكلها البصري واللغوي؟

التخطيط الحضري
الحاجة لمساكن أكثر لا تعني بالضرورة جودة أعلى. وكثير من التوسع في أطراف مسقط جاء على حساب المساحات العامة والموروث المعماري.

الهوية الثقافية
حين يتغيّر مَن يسكن، يتغيّر مَن يُشكّل هوية المكان. بعض الحارات العمانية القديمة باتت تضم نوافذ بلغات مختلفة، ولهجات جديدة، وواجهات لا تُشبه المدن العُمانية بشكلها السابق.

الاقتصاد
سوق العمل يعتمد على الوافدين في معظم القطاعات، خصوصًا البناء، والتجزئة، والخدمات. وهذا يُطرح سؤال جوهري: هل هذا النمو مستدام؟ وهل يُمهّد لتوطين فعلي، أم دوران سكاني مستمر؟


مثال من الحياة اليومية

  • في حيّ جديد مثل الخوض أو المعبيلة، تمشي في الشارع فتجد أن البيوت متشابهة، والسكان يتبدّلون كل سنتين. لا أحد يعرف الجار، ولا أحد يشتري من البقالة نفسها مرتين.

  • في المقابل، هناك أحياء قديمة مثل مطرح أو الوطية، لكن حتى هذه بدأت تتغيّر… الساكن الذي يعرف الحارة منذ 30 سنة انتقل، وحلّ مكانه ساكن جديد لا يعرف حكايات المكان.

  • اللافتات التجارية مكتوبة بخطوط سريعة، وبأسماء لا علاقة لها بالثقافة المحلية: "Al Madina Beauty", "Raju Auto Fix", "Happy Time Laundry".

  • في بعض الأحياء، لا ترى عمارة بزخارف عمانية أو قوس عربي.

  • الإعلانات على الطرقات تخاطب المستأجر الأجنبي - المستثمر، لا الساكن العماني الدائم.

الخلاصة

كل هذه الأمثلة تبرز حقيقة بسيطة وعميقة: مسقط تتغير، ليس فقط في حجمها، بل في لغتها، وشعورها، وهويتها.

نشرة ٩٦٨
نشرة ٩٦٨
كل خميس من كل أسبوع

نشرة كل خميس من معمل القصة، ترصد الأحداث وتشرح سياقاتها الزمنية، لتمنحك فهماً أعمق