عدد خاص | كيف تراقب عُمان مضيق هرمز 🚢

في أقصى شمال عُمان، حيث يمر نحو 20٪ من نفط العالم، تُشرف عُمان على أمن مضيق هرمز بالتنسيق مع قوى دولية.

يمر  عبر مضيق هُرمز كل يوم ما يقارب 20% من نفط العالم
يمر عبر مضيق هُرمز كل يوم ما يقارب 20% من نفط العالم

من يحرس المضيق؟

في أقصى شمال سلطنة عُمان، تتربع مدينة خصب بهدوئها، لكن البحر الذي يلامس شواطئها كل صباح ليس مجرد بحر عادي. تحت أمواجه، يمر كل يوم ما يقارب 20% من نفط العالم — شريان طاقة حيوي يربط الخليج بأسواق آسيا المتعطشة. ومع كل تصعيد عسكري بين إيران وإسرائيل، وكل تحليق لطائرة مقاتلة فوق الخليج، يعود السؤال: من يشرف على أمن هذا الشريان؟ ومن يدفع الثمن إذا ما تعرض للتهديد؟

⚠️ هذا الأسبوع: ضربة واحدة تُعيد الحسابات

فجر اليوم 22 يونيو ، استهدفت أمريكا مواقع نووية إيرانية، في خطوة غير مسبوقة منذ بداية التوتر الإقليمي الأخير بين إسرائيل وإيران. حتى اللحظة، لا مؤشرات على رد عسكري إيراني شامل، لكن جميع التوقعات تشير إلى أن الاحتمالات لا تزال مفتوحة.

القلق لا ينبع من الضربة نفسها، بل مما قد يأتي بعدها: هل ترد طهران عبر استهداف المصالح الأمريكية؟ هل تلجأ إلى زرع الألغام في مضيق هرمز، أو حتى التلويح بإغلاقه؟ هذه السيناريوهات ليست بجديدة على المنطقة، فقد شهدناها في عام 2019 عندما استُهدفت ناقلات نفط قبالة السواحل العُمانية. لكن اليوم، الوضع مختلف؛ التوقيت حرج، المخاطر أعلى، والأسواق العالمية تتنفس بصعوبة أكبر.

من مضيق هرمز الذي يطل جزء منه على عُمان تمر شحنات تُحرّك الاقتصاد العالمي كل صباح
من مضيق هرمز الذي يطل جزء منه على عُمان تمر شحنات تُحرّك الاقتصاد العالمي كل صباح

🚢 ما الذي يجعل مضيق هرمز حساسًا لهذا الحد؟

تكمن حساسية مضيق هرمز في عدة عوامل رئيسية:

أولًا، الممر البحري الوحيد تقريبًا لنفط الخليج: دول الخليج تعتمد عليه بشكل كامل تقريبًا في تصدير نفطها. فالمملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، تصدر عبره أكثر من 6 ملايين برميل يوميًا. وكذلك تعتمد الإمارات، الكويت، وقطر عليه بشكل مشابه. حتى إيران، رغم توتر علاقاتها مع الغرب، يمر 90% من صادراتها النفطية من خلاله.

ثانيًا، آسيا هي الوجهة النهائية لهذا النفط: بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تؤكد أن 82% من صادرات النفط العابرة للمضيق تتجه إلى آسيا. في كوريا الجنوبية، صرح الرئيس مؤخرًا أن 60% من واردات بلاده تمر عبر المضيق. الصين، الهند، واليابان تعتمد جميعها على هذا الممر الحيوي ليس فقط لتأمين الطاقة، بل لاستمرارية صناعاتها العملاقة.

ثالثًا، لا توجد بدائل حقيقية: خطوط الأنابيب السعودية والإماراتية لا تستوعب سوى جزء ضئيل من هذه الكميات. أما الالتفاف البحري حول الخليج، فهو أمر غير مجدٍ، لأنه سيزيد التكاليف والوقت والمخاطر بشكل كبير.

بعيدًا عن ضجيج الاستقطاب، تقف عُمان على الضفة الهادئة من المضيق. لكن هدوئها لا يعني غيابها عن المشهد. فالسلطنة تشرف على الجانب الجنوبي من مضيق هرمز، ليس فقط بجغرافيتها، بل من خلال:

  • شبكة رادارات ساحلية تمتد من خصب وصولًا إلى مسقط.

  • مركز وطني للأمن البحري يجمع البيانات من طائرات الاستطلاع، سفن المراقبة، والقوى الحليفة.

  • تعاون استخباراتي وثيق مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بموجب اتفاقيات دفاعية تمتد لعقود.

وبينما تحافظ عُمان على قنواتها مفتوحة مع كل من طهران وواشنطن، فهي تبني لنفسها دورًا فريدًا لا تملكه أي دولة خليجية أخرى: «صوت الوسيط».

🛑 ما الذي سيحدث إذا أُغلق المضيق؟

إغلاق المضيق لن يقتصر على كونه مجرد أزمة نفطية؛ بل سيتحول إلى أزمة عالمية شاملة تبدأ من الأسواق، تمتد إلى سلاسل الإمداد، وتصل في النهاية إلى رفوف المتاجر:

  • قد تتجاوز أسعار النفط 150 دولارًا للبرميل.

  • ترتفع تكاليف الشحن البحري وتقفز أسعار التأمين بشكل جنوني.

  • يتعطل تدفق الطاقة إلى آسيا، مما يؤدي إلى أزمات في سلاسل إمداد الدول المستوردة.

أما على مستوى الخليج، فالتداعيات ممكن أن تكون أكبر:

  • نسبة كبيرة كم من % من الغذاء، الدواء، والسلع الأساسية تصل إلى دول الخليج عبر البحر.

  • أي اضطراب في الملاحة يعني: تضخمًا غذائيًا حادًا، تأخيرًا في الإمدادات، وركودًا اقتصاديًا محتملًا.

  • من جهة أخرى فالموانئ الكبرى في الخليج، مثل الفجيرة في الإمارات والدقم في عُمان، ستتحمّل العبء الأكبر في حال تعطّل مضيق هرمز.


وإذا ما قُدّر لمضيق هرمز أن «ينفجر» فإن التداعيات لن تقتصر على دولة واحدة أو طرف بعينه. فالخسارة ستكون عالمية، لكنها ستطال بشكل مباشر الدول التي تعتمد عليه بشكل كبير ومن بينها دول المنطقة وإيران. وهو لا يتعلق فقط بالخسائر الاقتصادية الضخمة، بل أيضًا بتأثير ذلك على استقرار المجتمعات وحياة الأفراد الذين يعيشون في المنطقة والعالم.


📬 نلقاكم في العدد القادم من نشرة ٩٦٨، حيث نرصد الأحداث ونشرح سياقاتها الزمنية، لنمنحك فهماً أعمق.

نشرة ٩٦٨
نشرة ٩٦٨
كل خميس من كل أسبوع

نشرة كل خميس من معمل القصة، ترصد الأحداث وتشرح سياقاتها الزمنية، لتمنحك فهماً أعمق